Saturday, December 6, 2008

شو لنا بالعيد!؟


أعتقد أن فرحة العيد لا يجب أن يمنعها شىء. لذلك لا أستطيع هضم فكرة أن يقف أحد حائط صد فى وجه إيصال قدر ضئيل من تلك الفرحة لمحروم منها

فى أحد الأعياد ببداية التسعينات شاهدت على محطة إم بي سي أغنية شو هالحكي وكانت تتحدث بلسان حال الفلسطينيين. لا أذكر بالتحديد حالهم وقتها لكني متأكد أن وضعهم الآن أصعب وأن الأغنية تتحدث الآن بلسان حال عدد أكبر من الفلسطينيين وغيرهم

شو هالحكي! مين قال دخلك مين
العيد لا إلـــــنا
مالأسر قاتلنا والحظ هاملنا
ما العيد ما بيمرق عالمساكين
العيد يبقى بعيد ويضل ناسينا
شو لنا بالعيد ولا شي بيعنينا
مساكين نحنا مساكين عشنا
مين قال دخلك مين

كل عام وأنتم بخير وربنا يعيد الأيام على الجميع وهم فى أحسن حال


Tuesday, November 25, 2008

ظيطة و إنتهت


ظيطة سباق الرئاسة فى أمريكا إنتهت لكن المولد لم ينفضّ بعد لدرجة أن الحديث عن سباق 2012 بدأ من الآن


تنافس إستمر لأكثر من سنة من الطبيعي أن يحتوى على بعض المشاهد اللافتة للإنتباه

أغرب حدث فى تلك الفترة كان من المنافس على الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي جون إدوارد الذى أقام علاقة جنسية مع إحدى الموظفات بحملته الإنتخابية! هو نجح فى إخفاء العلاقة ونفي حدوثها إلى أن فضحته صورته مع مولدة الموظفة فإضطر للإعتراف بالعلاقة.. الفيديو يستحق المشاهدة بجدارة
John Edwards ABC "NightLine" Interview On Adultery Part 1


وزوجة أوباما أيضا خرجت بتعليق قالت فيه إن هذه أول مرّة تشعر فيها بأنها فخورة ببلدها. التعليق كان فرصة للجمهوريين حاولوا يستغلوه بطريقة روزاليوسف لصالح ماكين بترويجهم لفكرة أنها "إمرأة سوداء غاضبة تسعى للإنتقام لبنى عرقها الأسود وأنها غير وطنية... " لكن فشلوا

أمّا ماكين.. لو طال يعمل أراجوز ويفوز ماكنش هايتأخر. هو حاول فعلاً فى آخر أيام المنافسة عندما ظهر فى برنامج كوميدي يقول أن أوباما لسّه سنّه صغير وأمامه فرصة للترشيح مرة أخرى أمّا هو فلا. طبعاً الإستجداء كان بشكل كوميدي علشان يعدّي ويحقق له شىء من التعاطف لكنه كان مسخرة

قرب نهاية الظيطة كان فى لقاء ودّي بين أوباما وماكين فى حفل كاثوليكي خيري. ماكين إمتدح أوباما فى هذا الحفل وكان واضح إنه إمتدحه عن إقتناع! إمتدح فيه كفاءته وحيويته وتصميمه ومقدرته على جمع ناس كثيرة حوله من داخل حزبه وخارجه وإثارة حماسهم.. وختم كلامه بالجملة الظريفة دي
I can't wish my opponent luck but I do wish him well

شبه كبير بين فوز أوباما وفوز حماس وإختلاف كبير بين رد فعل منافسين أوباما ومنافسين حماس. منافسين أوباما قالوا أنه رئيسهم القادم وأعلنوا إستعدادهم للتعاون معه. أمّا منافسين حماس فأذكّر جيداً أن عريقات ظهر على تلفزيون البي بي سي مباشرة بعد إعلان فوز حماس وكان من حرقته وغلّه جالس على طرف الكرسي ويتحدث بعصبية عما سيفعله لإفشال حماس وكيف أنه وجماعته لن يتعاونوا مع حكومة حماس القادمة وسيلاحقونهم كل يوم بإستجواب و... كان عامل زي الكلب المسعور. ودحلان كان ألعن منه ولعب دور صبى العالمة بمزاج عندما قال عن المشاكل التى أثارها لحماس لإعاقتها عن إنجاز أي عمل أنه بيرقـّصهم عشرة بلدي


من الأشياء التى قالها فريق أوباما أثناء المنافسة لطمأنة الناخبين أنه لن يتورّع عن تنصيب ديكتاتور فى بلد ما إذا كان فى ذلك مصلحة لأمريكا

Sunday, October 19, 2008

domino effect.. مع ليلى


الظلم الحاصل فى مجتمعنا ليس من نصيب النساء فقط أو فئة إجتماعية دون غيرها لكنه دائماً من نصيب الطرف الضعيف فى أى معادلة فى مجتمع إختار القوي فيه أن يجور على حقوق الغير ما إستطاع إلى ذلك سبيلاً.. جهلاً بالحق أو تجاهلاً له. وبما أن اليوم عن "ليلى" فمن حقها أن يقتصر الحديث عليها

ليلى التى أتحدث عنها تعيش مع زوجها فى حالة من العناد والنِدّية التى كادت تدمِّر أسرتهما فى البلد الذى هاجرا إليه بعد الزواج مباشرة ورُزِقا فيه طفلهما. زوج ليلى لا يُثقل عليها فى شىء وهو مثلها غريب فى بلد غريبة يحاول أن يقيم لأسرته فيها مكان. المشكلة أن ليلى تتعامل مع زوجها من منطلق "إشمعنى إنت" ولا تنظر للأسرة ككل بقدر نظرتها لنفسها. أقارب ليلى يرجعون تصرفاتها إلى المعاملة التى لاقتها فى صغرها ، فهى كانت المولود الثاني فى أسرتها وكانت بنت بعد بنت لأب أراد الولد وتوقع قدومه بعد البنت الأولى. كانت طفلة ضمن أطفال كثيرين فى عائلة كبيرة تحنو على بناتها وأولادها على عكس ما كانت تعيشه هى فى أسرتها الصغيرة من إحساس بأنها غير مُرحَّب بها. أكملت تعليمها وتزوجت أول شخص تقدّم لها رغبة منها فى الخروج من ذلك البيت الذى عاشت فيه هى وأخواتها سنين طفولة ساعين فيها لتعاطف الأب من خلال إرضاءهن للولد الذى جاء بعد بنتين أخرتين

ظلم أب نتج عنه أسرة ضعيفة فى تكوينها وإحتمال فشلها أكبر من إحتمال إستمرارها إلا أن تتخلص ليلى من تأثـُّرها بما وقع عليها من ظلم خاصة أن زوجها لا ذنب له فى ذلك وهو إنسان طيب وعائلته تعاملها بود وكرم. هل تستطيع ليلى أن تحرر نفسها من ماضي لا حيلة لها فيه وتنظر للأمام؟

***

لا أدرى لماذا خلى الحديث عن ليلى من "ليلى الأم" وما يصيبها أحياناً من الأبناء والبنات من ظلم قليله مرفوض بحكم "فلا تقل لهما أف..." وكم من أف قيلت وتقال كل يوم فكانت مقدمة لإساءات كثيرة وغضب من الله أفسد على الكثيرين حياتهم

***

الحديث عن الحقوق المهضومة للنساء كان لسنين طويلة حكراً على فئة تخاصمت مع كل القيم السليمة للمجتمع مما أدى إلى ربط الكثيرين بين هذا الحديث و الدعوة للتحلل من أى إلتزام أخلاقي. هذا الوضع تغيّر مع ظهور وسائل إعلامية أخرى أتاحت الفرصة أمام حديث مختلف مثل حملة "
كلنا ليلى" للظهور على الساحة.. لعل من تقفن وراء هذه الدعوة تستطعن الحفاظ على ذلك الإختلاف ولا تسمحن بإختطاف حملتهن بإقحام أشياء أخرى عليها أو تغيير خطها ، ولعل الحملة تقوى أكثر وتصل لعدد أكبر من الناس.. فليلى الحقيقية تستحق أكثر من يوم

مفارقة لطيفة أن أقرأ فى يوم ليلى عن بخيتة التى ذبحت ذئب هاجمها أثناء عملها

دعوة لليلى لِتسنّ سكينها :)

Monday, October 13, 2008

مع ليلى.. ليه؟


عرفت بفكرة "كلنا ليلى" قبل معرفتي بوجود شىء إسمه تدوين وكان ذلك من خلال مقال على موقع إسلام أونلين

العنوان كان
ثورة "ليلى" تندلع على المدونات النسائية!.. عنوان تقليدي ممكن يستدعي فى الذهن صورة مُسبقة عن طبيعة تلك الثورة والإستغناء بالصورة التقليدية المستدعاة عن معرفة ما ورد بالمقال

قرأت المقال وأحسست بإرتياح وتعاطف مع الفكرة والهدف منها والذى تلخص فى ضرورة أن يكون لليلى صوت تعبّر به عن نفسها بعد أن سئمت محاولات الغير للتحدث بإسمها.. جميل من ليلى أن تقول إن هدفنا الأكبر هو أن
نشارككم جزءا مهما وجوهريا من عوالمنا المختلفة، جزءا مخبأ بعناية في أحايين كثيرة بداخل أختك أو زوجتك أو زميلتك في العمل.. ليلى لها مشاعرها وأمنياتها وطموحاتها الخاصة بها وأيضاً لها مشاكلها التى تحتاج لحلول من الجائز جداً أن يكون الكثير منها فى المتناول لكن جهل المجتمع بتلك المشاكل أو تجاهله لوجودها وتأثيرها لا يساعد على حلها

ليلى مدركة تماماً أن حرية المرأة وحصولها الفعلي على حقوقها المشروعة لا يعني بأى حال الإنفلات الأخلاقي. وهى تؤكد أن
ثلاثي القهر والظلم والحاجة.. ثلاثة وحوش تنهش في لحم كثير من السيدات والحكومة والأهالي واقفين ساكتين

علشان كده أنا مع ليلى

تفاصيل كلنا ليلى هنا

Monday, September 29, 2008

المفتاح


قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم: ‏إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار ‏ ‏وصفدت ‏ ‏الشياطين


أعتقد أن كل صائم يلمس بدرجة ما صدق هذا الحديث

أتخيل الأمر وكأن الشياطين محبوسة و مفتاح حريتها بأيدينا نحن. لكن الحقيقة هى أن المفتاح معنا فى رمضان و فى غير رمضان.. أوقات نمسكه جامد وأوقات ننسى أنه معنا ويمكن كمان يضيع منا وممكن نلاقيه تاني وممكن لأ

مع نهاية شهر قال الله فى عبادته "كل عمل إبن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" نأمل أن يكون الجزاء بقدر رحمة الله الرحمن الرحيم وعفوه وأن يعيد علينا أيام رمضان وفضله


كل رمضان وأنتم بخير وعيد سعيد على الجميع رغم أنف خمائر العكننة والمآسي التى تملأ المجتمع واللي ممكن "أنا وأنت وهو وهى" نخفف وطئها ولو قليلاً على من طالتهم

Saturday, August 23, 2008

سفينتان و شاحنة


مسكين من يحكم عليه الزمن بجار سوء

منعت مصر مؤخراً شاحنة جاءت من أسكتلاندة من دخول غزة عن طريق معبر رفح.. و اليوم رست على شط غزة الذى تسيطر عليه سرائيل سفينتان جاءتا من قبرص

الشاحنة كانت تحمل 1.5 طن من المعدات الطبية والادوية هدية من الشعب والبرلمان الاسكتلندى الى غزة المحاصرة وجاءت براً من إسكتلاندة عبر 12 دولة وأكثر من 5 آلاف كم بدون مشكلة حتى وصلت مصر التى رفضت دخولها غزة بعد شهر كامل من المحاولات تم خلاله إرسال طلبات ونداءات حتى من نواب البرلمان الأسكتلندى ورئيسه لكل رؤوس الحكم عندنا لكن لا حياة لمن تنادى ولا رد من أى نوع إلا الرد السلبى لتعود الشاحنة من حيث أتت

الشاحنة على طريق العودة بما أتت به بعد رفض مصر دخولها غزة أو إستلام الشحنة وإدخالها بمعرفتها

السفينتان كانتا تحملان مساعدات لأهل غزة ونظم رحلتهما حركة دولية تدعو لكسر حصار غزة. كان على متن السفينة نشطاء ينتمون لأكثر من 14 دولة قالوا أنهم تلقوا تهديدات بالقتل لمنعهم من المشاركة في الرحلة.. لكنهم فى النهاية نجحوا ولو رمزياً فى كسر حصار غزة وإيصال مساعدات لأهلها رغم أن إسرائيل شوشت إلكترونياً على أجهزة الإتصالات بالسفينتين لمنع إتصال من عليها بالعالم الخارجي و أطلقت النار على قوارب الصيد الفلسطينية التى خرجت لإستقبال السفينتين

فرحة أحد من كانوا على متن السفينتين بالوصول لشاطىء غزة

إسرائيل تصرفت بوعي وذكاء وسمحت مضطرة للسفينتين بالوصول لشاطىء غزة وإنهاء الموقف بسرعة حرصاً منها على عدم فضحها من بعض وسائل الإعلام وذلك عكس ما حدث على معبر رفح.. فنحن لا يجبر حكامنا أحد على فعل ما لا يريدون ولا يلوي لهم أحد دراع لأن دراعهم مكسور من زمان والحصار سيظل مفروض على أهل غزة بالعند فى كل من عنده ضمير وإحساس

السلوك الرسمي لمصر تجاه شحنة الأدوية هو صورة طبق الأصل من سلوك جار السوء الذى تصادفه فى السكن أو الشارع أو العمل أو فى وسيلة إنتقال.. مش عارف مين بهت على مين!! هل الحكام بهتوا على الناس والا الحكام عنصر أصيل من الشعب ويمثله خير تمثيل؟ أنا مقتنع تماماً بالأولى

القرضاوي يناشد مصر فك حصار غزة قبل رمضان

Monday, August 11, 2008

أجازته فى مصر


ده الحقيقة مش بوست لكنه حكاية قرأتها لآخرها رغم طولها ونيتي المسبقة بالمرور عليها مر الكرام

الحكاية:

ســـلامة هو أطيب شخص عرفته في حياتي ،نشأنا معا في الأنفوشي، الحي الذي يعتبره أهله أصل الإسكندرية .. يعيش مع أمه في حجرة فوق سطوح أحد المنازل القديمة ، عميق السمار من أصول نوبية وقد يكون هذا سببا لطيبته المتناهية و دماثة خلقه ، أطلق عليه أبناء الحي لقب "سلامة مجانص" لأنه كان من أبطال كمال الأجسام الذين يمارسون تدريبات هذه الرياضة بمنتهى الالتزام ، ولأنه كان يميل للقصر فقد بدا مع كمية العضلات في صدره وذراعيه مربع الشَـكل وكان يتعمد ترك أغلب أزرار قميصه مفتوحة لإظهار عضلات صدره و كأنه يود أن يستعرض أمام الجميع ما بذل الساعات الطويلة في الحصول عليه.. يمشى بين الناس وعلى وجهه ابتسامة ثقة وطيبة واستعداد فطري لمساعدة من يطلب المساعدة . وفى أوقات فراغه المتبقية بعد عمله في المصنع و تدريبات بعد الظهر يذهب إلى سينما رأس التين لمشاهدة أفلام الكاراتيه.

كنت أكن له حبا صادقا لطيبته وشهامته ، وكانت أسعد أوقاته عندما يفوز بكأس أو ميدالية في إحدى البطولات فيحضرها ليريها لأبناء الحي ، وكان في قمة سعادته عندما نشرت إحدى الصحف اسمه في خبر صغير متعلق ببطولة كمال الأجسام ..لم تكن تجمعنا صداقة وإن كان جمعنا الود والاحترام ..حدثني يوما عن فاطمة أو "بطة"كما يدعونها في الحي، ولأنه لا يحب اللف و الدوران فقد قرر أن يتقدم لخطبتها لكن أمها راحت تتباهى بأن بنتها جميلة و بيضاء كالشمعة وكررت هذا التعبير عدة مرات ففهمت أمه أنها تتعالى عليهم كونهم سـُـمـْـر...نصحته أن يدع النساء خارج الموضوع ويكلم والدها بنفسه ..بدا عليه التفكير والتردد فقلت له مشجعا:
ـ أنت رياضي و كسيب و جدع وكل الأنفوشى يعرف شهامتك فليس هناك ما يدعوك للتردد، ثم إن الحالة المالية لأهلها متواضعة فلن يغالوا في طلباتهم منك، أتكل على الله و فاتح أبوها في الموضوع.
تركته و قد بان على وجهه الاقتناع ، وبالفعل تزوج سلامة من محبوبته ..ثم انقطعت أخباره عني بعد أن غادرت الأنفوشي ثم قمت بالهجرة إلى كندا ، ثلاثين عاما حيث تزوجت وأنجبت ثم رحت اسأل نفسي ذلك السؤال الخالد : هل أعود أم أبقى ؟
..................................
قررت العودة إلى مصر بمفردي في أجازة غير محدودة المدة لاستطلاع الأمر و دراسة جميع الاحتمالات. كنت بعد زواجي قد اشتريت شقة واسعة في حي الشاطبي ، ظلت هذه الشقة خالية نستخدمها فقط في زياراتنا المتباعدة لمصر، لكني فضلت هذه المرة ألا أقيم بها .. قمت باستئجار شقة على البحر مباشرة لها شـُرفة واسعة تطل على الكورنيش . ملأت الثلاجة بالطعام و المشروبات و اشتريت مجموعة هائلة من شرائط أغاني الزمن الجميل، كنت مصمما أن أقضي عطلة ممتعة و لم يكن يمنعني شيء من تحقيق هدفي .
كانت أمسيتي الأولى في الشقة رائعة، أعددت لنفسي وجبة خفيفة تناولتها في الشـُرفة على أنغام أم كلثوم و أنا أستنشق عبير البحر وأرنو إلى الشمس الغاربة ويحتويني بالتدريج حلول الظلمة ، يخيل إلى أنه كلما تقدم بي العمر كلما زاد استمتاعي بما حولي ، حتى مذاق الجبن البيضاء أصبحت أستطعمها بطريقة خاصة ..كنت أطل من الشـُرفة على البحر الساحر مستمتعا بالطعام والشراب والأغاني ، وأقول لنفسي : آه لو تدوم لي مسرات حياتي البسيطة تلك .
......
مر الأسبوع الأول على ما يرام ، شغلت وقتي بالتمشية على الكورنيش أو زيارة المتاحف ، اشتريت مجموعة من الكتب لكـُتاب معروفين لي من قبل سفري..حضرت أمسية شعرية في أحد دور الثقافة ..تعمدت ألا أتابع الأخبار وإذا حدث نقاش أمامي في أحوال البلد تجنبت الدخول فيه، أقنعت نفسي بأنني في عطلة ويجب أن أجنب نفسي المواضيع المحبطة.
بالتدريج بدأت مشـــاعر غريــبة تنتابني، مزيج من الحزن والشجن والقلق..لم استطع خداع نفسي ، لم تتمكن أنشطتي الثقافية و الترفيهية من التغلب على هذه المشاعر.. أصدقاء زمان أغلبهم خارج البلد وبعضهم مات .. والقليلون الذين قابلتهم شعرت أنى أفرض نفسي عليهم ، وهذه المشاعر اللعينة تأبى أن تفارقني ..............
قررت أن أزور الأنفوشي حيث عشت طفولتي و صباي ربما تخفف زيارتي من مشاعر النكد التي استحوذت علي ، مر بخاطري سلامة مجانص الذي لم أره منذ ثلاثين عاما ..وصلت للمنطقة حوالي الخامسة، تمشيت على الكورنيش، لاحظت أن رصيف الشارع وسور البحر قد أصابهما الهرم، دخلت مسجد سيدي أبى العباس و صليت جماعة، نظرت في وجوه المصلين فلم أعرف أحدا ..ذهبت إلى شارعنا القديم ، المنازل هدمت وحلت محلها عمارات عالية ..بعض المباني هدمت و تركت خرابات في انتظار ارتفاع الأسعار ، مازال المقهى موجودا ، جلست أعاين المكان والناس، جاء "الجرسون" فعرفته بنفسي وطلبت منه أن يرسل في طلب سلامة مجانص .
في انتظار مجيئه أعطاني تقريرا كاملا عن أهالي الحي ، من ذهب ومن رحل ، ذكر أسماء نسيت معظمها فاضطر أن يذكرني بها، سألته عن سلامة فأجاب بأنه - بطبيعة الحال - قد هـَرِم و لكنه مازال "زى الجـِـن".
بالفعل أبصرته يقترب وفى مشيته بعض ملامح الخيلاء القديمة ، زحف شعره للخلف و اختلط بياضه بسواده ، شد على يدي بقوة ثم عانقني مرحبا ، حكيت له عن هجرتي في كلمات قليلة حتى أدعه يتكلم، أخبرني أنه أنجب محمد و سلامة و سالي ، وأن الشركة التي يعمل بها قد أخرجته معاشا مبكرا ..شرعت أتأمله ، بالتأكيد يرى تغييرا مماثلا فيا أنا ، ابتسامته القديمة صارت مرهقة، سألته عن زوجته فأخبرني أنها بخير و إن كانت هشاشة العظام جعلتها تبدو أكبر من عمرها بكثير !!.
سألته مداعبا عن البطولات فرد ضاحكا: ـ انتهى زمنها من سنين ..سألته عن أحوال المعيشة بعد أن لاحظت أنه لم يشتك من صعوبات الحياة كما يفعل الجميع ، فأجاب باختصار: رضا .
انتابتني رغبة مـُـلـِـحة في رؤية البحر، دفعت الحساب بالإضافة لبقشيش سخي ، قمت مع سلامة فاخترقنا ميدان المساجد مرورا بضريح السبع مشايخ و مسجدي أبى العباس و الأباصيري ، عبرنا الكورنيش متجهين إلى سور الميناء الشرقية، أخذت أنفاس عميقة من هواء البحر ..كان الوقت قبيل الغروب مباشرة ..رنوت إلى الأفق والحديقة والمساجد ، كم أعشق هذا المكان وأشعر أنني جزء منه . استدرت إلى سلامة وطلبت منه أن يحكي عن أولاده بالتفصيل ، قال
ـ الكبير محمد تخرج من كلية التجارة من ثلاث سنوات ويحاول أن يجد عملا..يريد السفر إلى بلد عربي لكنه لا يعرف الوسيلة .. ابني الثاني سلامة تخرج السنة الماضية في كلية التربية الرياضية وأرجو أن يكون حظه أسعد من أخيه ويجد عملا ، آخر العنقود سالي ستنتهي من معهد السكرتارية العالي خلال شهور .
عدت بذاكرتي إلى ثلاثين سنة مضت عندما جلست أنا و سلامة في نفس المكان نتبادل الحديث عن مشروع زواجه، استطرد قائلا :
ـ الحياة صعبة و لكن ربنا ساترها، المشكلة في الأولاد !!..عدم شغلهم غير شخصيتهم ، أصبحا دائما الشكوى تنتابهما حالات من الكآبة .. لا عمل لهما سوى الجلوس على المقاهي وصرت أخشى عليهما من رفقاء السوء . وحتى البنت تشعر أن مستقبلها لن يكون أحسن من أخويها و تتساءل عن فائدة إتمام دراستها !! .
فكرت فيما قاله، إنه يصف أحوال البلد كلها وليس حال أسرته فحسب ، خرج من صمته و سألني بحياء:
ـ هل يمكن أن تأخذ الولدين عندك في كندا بدلا من سفرهما إلى بلد عربي أو تسللهما إلى أوروبا .. إنهما مؤدبان وعندهما القدرة على العمل بتفاني .
شرحت له في صبر صعوبة طلبه.. يجب عليهما القيام بإجراءات رسمية للهجرة وقبولهما يتوقف على عوامل عديدة منها إجادة اللغة و خبرتهما في مجال تحتاجه البلد ، لا أدرى كيف تقبل كلامي وهل ساوره الظن أنى أتهرب من مساعدة أولاده، جلسنا صامتين عدة دقائق ثم قلت :
ـ ســلامة، عندي شقة كبيرة في الشاطبي لا أستخدمها يمكن أن نحولها إلى نادي كمال أجسام، المكان موجود وخبرتك موجودة و أبناءك يمكنهم العمل في النادي كل حسب تخصصه .. نظر لي وهو يحاول استيعاب ما قلت، سألني:
ـ اتعني أن نعمل مشروعا ؟
أجبته بحماس:
ـ نعم، مشروع نادي لكمال الأجسام و اللياقة البدنية يكون شركة بيني و بينك.
ارتسمت على وجهه ابتسامة من ابتسامات الماضي الجميل، شرحت له التفاصيل المبدئية كما أتصورها ، ثم شددت على يده و استأذنت للانصراف .
...........
كنت سعيدا بفكرتي ، قد يكون هذا المشروع دافعا لاستقراري بمصر بعد ثلاثين عاما ، قررت أن أستخدم خبرتي التي اكتسبتها من عملي بالخارج في التخطيط للنادي بطريقة مدروسة، وضعت خطة مكتوبة قسمتها إلى أنشطة منفصلة حددت ميعاد بداية و نهاية كل نشاط واسم المسئول عن إتمامه و كم سيكلف، لمدة يومين لم يقتصر بقائي في الشرفة على الأكل و الشرب و سماع الأغاني !!
عندما انتهيت من خطة المشروع ذهبت لمناقشتها مع سلامة و أسرته، كانت أول مرة أرى أولاده : سمارهم داكن مثل أبيهم و ملامحهم وسيمة و يغلب عليهم الأدب و اللياقة، تعمدت أن يكونوا شركاء في المناقشة ..وجدتهم على درجة عالية من الذكاء والحماسة للمشروع، تضمنت الخطوط العريضة للخطة كتابة عقد مشاركة بيني و بين سلامة وإجراء تغييرات في الشقة كي تناسب نشاط النادي ثم شراء أجهزة و معدات التمرينات و خطة مفصلة بطبيعة عمل كل فرد في الأسرة، محمد سيتولى النواحي الإدارية و المالية بينما سلامة الأب بحكم خبرته وابنه بحكم دراسته سيتوليان التدريب و الإشراف على الأجهزة ..أما ســالي فستتولى أعمال السكرتارية والرد على التليفونات.
كان هناك العديد من الصعوبات، بعضها يرجع لقلة خبرة سلامة و أبنائه في إدارة المشاريع و أغلبها يعود للروتين القاتل وعدم التزام كل من نتعامل معهم بكلمتهم واستخدامهم الفهلوة حيث ينبغي الجد ، عالجت هذه الصعوبات بالصبر أحيانا و بالحزم أحيانا و بفلسفة الأمور أحيانا أخرى .
وضعت فترة ستة أسابيع لإنهاء التجهيزات وبدء التشغيل، كانت تجربة تعليمي و توجيهي لسلامة و أبنائه أكثر ما تمتعت به خلال هذه الفترة، كانت حالتهم النفسية تتأرجح بين الإحباط و التحمس تبعا للمشاكل التي تواجههم وكان على أن أرفع من حالتهم المعنوية كلما ازدادت الصعاب، وفى نفس الوقت لمست فيهم مقدرة على العمل الدءوب و لمحات من الذكاء الفطري ، أما أنا فقد شغلني المشروع تماما ولم أعد أشتكي الغربة ..أقاربي وأصدقائي عارضوا الفكرة ..كان هناك شبه إجماع على أنه سيفشل وأنني سأخسر الشقة !!، البعض اعتبرني حالما والبعض الآخر اعتبرني أتصرف كخواجه .
مرت الأسابيع الستة و تم افتتاح "نادي الأبطال للياقة البدنية و كمال الأجسام" أقمنا احتفالا بسيطا وزعنا اشتراكات مجانية لمدة أسبوع على أمل أنهم سيصبحوا أعضاء في المستقبل .
حرصت على أن أتواجد خلال ساعات العمل لمراقبة كيف تسير الأمور، لاحظت أن سلامة و أبناءه ينقصهم مفهوم أن واجبهم خدمة أعضاء النادي ، وحتى إذا قاموا بخدمة فهي بالنسبة لهم جدعنة لا واجبا عليهم !!، عملت على تغيير هذا المفهوم الخاطئ وشرحت لهم أن كونهم أصحاب المشروع لا يعنى عدم التفاني في خدمة إرضاء الأعضاء لأنهم مصدر الدخل !!.
وعندما شعرت أن الأمور تسير كما يجب انسحبت من الصورة واكتفيت بزيارات سريعة متقطعة .
...........
خلال فترة انشغالي بمشروع النادي نسيت تماما مشاعر وشغلني المشروع عن متابعة أحوال البلد ..كان شكوى الناس الدائمة كأنه مرض عضال أحاول أن أخفف من أعراضه بالانشغال بموضوع آخر لشعوري باستحالة علاجه.
وذات صباح كنت أتجول في الشوارع حين شعرت بحركة غريبة في الشارع المؤدي من محطة ترام الجامعة إلى شارع أبى قير، كان هناك العديد من عربات الشرطة والنقل المليئة بالجنود والناس تتابعها بشيء من وجوم، كانت هناك هتافات خافتة و متفرقة فاستنتجت وجود مظاهرة ، توجهت بخطوات سريعة نحو مصدر الهتافات، كانت صادرة من أمام نادي أعضاء هيئة التدريس بالجامعة ، كان هناك صف من رجال الشرطة يسد مدخل الشارع و العديد من عربات الشرطة على جانبي الطريق . المتظاهرون قدرت أعدادهم بما لا يزيد عن المائتين، بعضهم يحمل لافتات تطلب تحسين أحوال أساتذة الجامعة ..كانت هتافاتهم خافتة وغير منظمة وكأنهم يستحون من أن يسمع أحد أصواتهم !!.. أعمارهم كانت تتراوح بين أواسط العشرينات وأواخر الستينات، لم يكن هناك كثير من المتفرجين مثلى و كنت أقربهم لصف رجال الشرطة، طلب منى أحد جنود الصف بطريقة خجلة مترددة أن أغادر المكان، ابتعدت قليلا دون مناقشة ثم اقتربت مرة أخرى من الطابور ، تأملت وجوه الجنود فبدوا لي جميعا من الأرياف، البؤس واضح على وجوههم كأنهم يلعنون الظروف التي حكمت عليهم أن يعملوا في هذه الوظيفة، سألت نفسي ألن يكونوا أسعد حالا لو عادوا لقراهم كي يعملوا في الأرض؟
انتزعني من أفكاري صوت فيه حدة، كان هناك لواء شرطة حوله أثنين من العقداء يتحدثون إلى بعض المتظاهرين، من كلام الطرفين فهمت أن المتظاهرين يودون أن يسيروا في مظاهرة سلمية إلى مبنى إدارة الجامعة الواقع على البحر بينما الضباط يريدوهم أن يخلوا الشارع ويواصلوا التظاهر – إن شاءوا - داخل أسوار ناديهم.
كان المشهد يبدو عبثيا بين الحركة الدائبة لعربات الشرطة وتوتر الضباط و بؤس الجنود وضآلة حجم المظاهرة وتردد المتظاهرين ولا مبالاة المارة ، قد يكون هذا هو سبب قراري المجنون بالانضمام للمظاهرة !!.. فكرت – لا أدري كيف- أن أقنع المتظاهرين أن تتحول المظاهرة من غرضها المحدد لتحسين أحوال أساتذة الجامعة إلى إدانة كل الأوضاع الخاطئة في البلد ، وبدلا من أن تسير إلى مبنى الجامعة كما يرغبون تسير إلى الكليات المجاورة لحث آلاف الطلاب على الانضمام للمظاهرة، حلمت للحظة أن تكون هذه بداية صحوة شعبية!!. دخلت وسط المتظاهرين كما لو كنت ألتمس الحماية بينهم ، شعرت أنهم واقعون تحت ضغط نفسي هائل ، ضائعون وكأنهم يسألون أنفسهم هل أصابوا أم أخطئوا !، انعكس هذا في هتافاتهم التي كانت خافتة و غير منظمة، مازال لواء الشرطة يتناقش بحدة مع أثنين من قادة المظاهرة، فهمت انه يعطى مهلة خمس دقائق لكنه لم ينتظر الخمس دقائق التي وعد بها بل أعطى إشارة لجنوده و للمخبرين المندسين وسط المظاهرة فهجم العشرات منهم على المتظاهرين يضربونهم بخيرزاناتهم و يدفعونهم تجاه عربات النقل المعدة لحملهم، موجة من الصياح و العنف و الجنون اكتسحت المكان، عمد بعض الأساتذة بالذات كبار السن منهم إلى تأنيب رجال الأمن على عنفهم و لكن الضربات المنهالة عليهم أقنعتهم أن مغادرة المكان مع محاولة تفادى الضرب هو خير ما يجب فعله. كان تفكيري الشخصي منصبا على سلامتي وتجنب القبض علي لكني لم أفلح .. شعرت بأيد تدفعني من الخلف وتدفعني صوب إحدى سيارات النقل ..نظرت خلفي بغضب وأنا أحاول التشبث بمكاني فوجدت مخبرين بملابس مدنية يدفعانني بعنف بينما يلكزني أحدهما في ظهري بشيء صلب تبينت أنه "بونية" حديدية يرتديها في يده !!، لم تكن هناك فائدة من المقاومة فاستسلمت لقدري .. وخلال لحظات امتلأت السيارة بنحو خمسين متظاهر فأُغلق باب الصندوق و تحركت العربة، كان بالصندوق دكتان واحدة على كل جانب يكفيان معا لعشرين راكب فأضطر الباقون للوقوف وقد أخذوا في التمايل ..العجيب أنني شعرت بأني محظوظ لأني وجدت مكانا للجلوس ولم أعاني مثلهم . لم يستغرق المشوار طويلا فقد حملتنا العربة إلى قسم شرطة باب شرقي والذي يبعد عن مكان المظاهرة مسافة قصيرة.
.......
تتابعت الأحداث بسرعة، نزلنا من عربة النقل حيث اقتادنا الجنود إلى حجرة واسعة ثم طلبوا من كل فرد بطاقة الرقم القومي، بعد دقائق حضر فوج آخر من المتظاهرين لا شك أنهم حمولة عربة نقل أُخرى، قدرت أن عدد المحتجزين بالحجرة يقارب المائة، كان هناك جو عام من القلق و التذمر و الخوف يخيم على المحتجزين، بعضهم - بالذات كبار السن - توهموا أن سنهم المتقدم ومركزهم الاجتماعي سيحميهم من سوء معاملة الشرطة ..كنت أحاول استيعاب الموقف رغم القلق الذي اعتراني..ثمة شيء سعيد داخلي من كل هذه الإثارة، وشعور داخلي بأني محظوظ أكثر من غيري لكوني أحمل جنسية أخرى !! فإذا تأزمت الأمور ستكون هناك حكومة أخرى تهتم بأمري ، تجولت في الحجرة وسط الزحام، كان هناك رجل في أواخر الستينات يحاول أن ينفض التراب عن بذلته و هو يشكو بانفعال من قيام رجال الأمن بسحله دون أن يراعوا كبر سنه ومقام وظيفته، في جانب آخر شاب يشرح في هدوء أن الموضوع ليس خطيرا وأن الشرطة تضايقهم فقط حتى لا يكرروا التظاهر مرة أخرى ..وفي النهاية سيتم الإفراج عن الجميع بعد قضاء ليلة أو ليلتين في الحجز، سألته كم مرة قــُـبض عليه من قبل، فأجاب ببساطة أنها المـَرَة الثالثة !! .
بدأت عملية عرض المتظاهرين على الضابط المسئول، كل خمس إلى عشر دقائق يصيح أحد الجنود باسم واحد من المحتجزين ثم يقوده إلى حجرة التحقيق، بحسبة بسيطة وجدت أن التحقيق سيستمر عشر ساعات !!.
أخذت أفكر في الإستراتيجية التي سأتبعها عند التحقيق، قررت أن أركز على أنى مقيم بالخارج و أنى في عطلة ..مجرد عابر سبيل أخطأ رجال الأمن و قبضوا عليه مع المتظاهرين !!.. قررت أيضا أن أركز على كـِـبـَـر سني و أنى لا أعمل في الجامعة مع تلميح خفيف أنى أحمل جنسية بلد آخر مما قد يعرض الشرطة ووزارة الداخلية للمتاعب إذا أساءوا معاملتي!! .
لم أكن أدرى إن كان هذا السيناريو سيساعدني أم لا و لكن كان هذا أحسن ما فكرت فيه ، قضيت الوقت أتابع ما يحدث حولي كأني أشاهد مسرحية هزلية ..بعد ساعتين نادى الشرطي على أسمى و اقتادني لمكتب الضابط .. لم يكن هناك مقعد فاضطررت للوقوف ، بطريقة متعمدة لم ينظر الضابط لي و لكنه أستمر في النظر لبعض الأوراق أمامه، تأملته أثناء وقوفي، في منتصف الثلاثينات برتبة رائد.. طويلا عريضا تبدو على ملامحه العنجهية، سألت نفسي هل هذه الملامح مجرد قناع لزوم الوظيفة أم هي سمة أصلية فيه؟ هل له حياة أسرية ويتهلل وجهه للمسرات البسيطة مثل باقي الخلق ؟ هل يمكن أن يجتمع في نفسه شخصيتان أحدهما عادية متحضرة يعيش بها حياته الخاصة و أخرى قاسية مجرمة لزوم المهنة؟ أخيرا سألني بصوت عال متذمر وهو ينظر لي محاولا تقييمي:
ـ اسمك؟
أجبته بصوت واضح وهدوء و أنا أنظر إليه نظرة محايدة تعمدت ألا تكون نظرة تحدى أو خوف وخنوع. سألني مرة أخرى بنفس اللهجة الهجومية المتذمرة:
ـ وظيفتك؟
أجبته بنفس لهجتي الهادئة: مهندس.
أزاح مقعده للخلف، عـَوَج رأسه ناحية اليمين و أغلق عينه اليسرى نصف إغلاقه و صمت برهة وهو مستمر في التحديق ثم قال:
ـ أنت لست من أساتذة الجامعة، فلماذا انضممت لمثيري الشغب ؟
وقبل أن أرد أستمر في كلامه:
ـ تعمل مهندس أين؟
شرحت له أنى غير مقيم في مصر و أنى أعمل مهندس بالخارج و أنى موجود في مصر لمجرد الزيارة ومن غير المعقول أن أحضر في زيارة عدة أسابيع و أقوم خلالها بإثارة الشغب أو التظاهر مع أفراد لا تربطني بهم علاقة مهنية، و في نبرة عتاب قلت أنى مجرد عابر سبيل اقترب من المظاهرة بدافع الفضول وكان اعتقالي خطئا من رجال الشرطة ، وسأقدر جدا لو انتهى الموضوع الآن وتركوني أذهب لحال سبيلي ، ثم أردفت بنبرة ذات معنى أن سفارة بلدي ستقدر له ذلك.
أجاب وكأنه لم يسمع :
ـ أنت إذن تعيش في الخارج ولك اتصالات بجهات أجنبية، هذا يجعل موقفك في منتهى التعقيد، سيتم حجزك حتى نبحث مدى خطورتك على أمن البلد !!.
ثم أمر أحد الجنود بإدخالي زنزانة الحجز.
.........
الموضوع أصبح جد خطير، جلست على الأرض ولأول مـرة شعرت بالخوف، ترى كم يوم أو سنة سأقضيها هنا؟ وما هي حقوقي ؟ هل سيسمحون لي بعمل مكالمة تليفونية؟ لم يعد عندي رغبة في الحديث مع زملاء الزنزانة ولا حتى النظر إلى تفاصيل ما حولي ، أصابني قنوط شديد ، وكان أصعب ما في الأمر شعوري أن مصيري في يد آخرين لا يحكمهم قانون ولا مبادئ، لمت نفسي على تهوري و دخولي وسط المتظاهرين، ولكن أليس هذا بالضبط ما يحاول النظام الوصول إليه؟ أن يشعر كل من يعترض على الحكومة بالأسف والندم والقنوط والإحباط، لم أعد أدرى ما الصواب وما الخطأ ..وبرغم صلابة الأرض و قذارة المكان استغرقت في نوم عميق كما لو كان النوم وسيلة للهروب، حلمت بزوجتي و الأولاد في بيتنا، ظهروا لي في عمر الطفولة يلعبون أمام المنزل أثناء نزول الجليد ..كان الأولاد في منتهى السعادة وهم يستخدمونه في عمل تمثال لرجل جليدي يقف في الساحة أمام منزلنا.
استيقظت على الواقع المظلم الذي يحتويني ، كان التناقض مؤلما بين الحلم و الواقع ، نمت على الأرض ما يقرب من عشر ساعات ، كيف أخرج من المأزق الذي وضعت نفسي فيه ؟ هل أطلب أن أتحدث مع أخي تليفونيا ؟ هل أتصل بسفارة بلد مهجري كي ينقذوني ؟
بدأ أحد زملاء الزنزانة في قراءة القرآن، وكأنني كنت محتاجا لهذه القراءة كي أتذكر أن أتوجه إلى ربي بالدعاء .
فى منتصف النهار فـُـتح باب الزنزانة و نودي على أحد المحتجزين ثم أغلق الباب، ترى ما مصير هذا الشخص؟هل سيتم الإفراج عنه أم سيـُـرَحـَـل إلى أحد السجون كي يقضى فيه بقية عمره دون محاكمة ؟ في العصر نادواَ على رجل آخر ، أخذت أقرأ بعض سور القرآن القصيرة في سرى وأدعو الله أن تنتهي كربتي ..في المساء نادوا على اسمي ، اقتادني الشرطي إلى حجرة التحقيق مرة أخرى، كان هناك ضابط آخر يبدوٌ عليه التبرم والقرف، أخبرني بلهجة روتينية أن اشتراكي في المظاهرة يستوجب تقديمي للمحاكمة تبعا لقوانين الطوارئ التي تمنع التجمهر ولكن وزارة الداخلية لن تــٌصـَـعد حالتي لكونها أول مرة وبشرط أن أتعهد بعدم الاشتراك في أي أنشطة مناهضة أخرى .. طلب منى التوقيع على تعهد بهذا المعنى، مضيت على التعهد دون أن أقرأه ثم أخذت رقمي القومي من الضابط وخرجت.
............
وقفت خارج باب القسم أنظر إلى الدنيا من حولي ، كان المســاء باردا و منعشا مما عمق شعوري بحريتي ، أنزاح كابوس السجن من على صدري رغم خجل استشعره من عدم صلابتي في مواجهة هذا الموقف، لم يكن من المفروض أن أشعر بكل هذا الهم داخل الزنزانة.
شعرت أنى بحاجة لصحبة حنون فمضيت إلى شقة أخي في وسط البلد، ما أن شاهدني حتى شعر أن هناك شيئا خطأ، ملابسي القذرة والتعب البادي على وجهي .. سألني ماذا حدث فأجبته باختصار، بدأ مسلسل اللوم والعتاب الذي شاركت فيه زوجته، بالعقل والمنطق أثبت لي أنى أحمق ..لم يكن هناك جدوى من الجدل لشعوري أن أغلب كلامه صواب ..دخلت شقتي كأني أحتمي بها من هذا العالـَم، أعددت لنفسي عشاء وافرا تناولته فى الشرفة بصحبة أفكاري المتضاربة ثم أخذت حـَمـَاما و دخلت أنام و أنا أشعر بالامتنان لوثارة ونظافة الفراش .
صـٌدمت من رد فعل الأقارب والأصدقاء ، لم أكن أتوقع أن يمدحني أحد أو يطيب خاطري ولكني لم أتوقع كل هذا اللوم والسخرية ..خواجة لا يعرف طبيعة الأمور هنا !! .. البعض اعتبرني محظوظا لأني لم أضرب أو أهان .
بعد يومين انتابتني رغبة مـًـلحة جارفة أن أغادر مصر، شعرت فجأة بحنين شديد لزوجتي وأولادي و حياتي الهادئة في الجانب الآخر من العالم ، حجزت تذكرة الرجوع، أمضيت يوما كاملا في وداع أقاربي وأصدقائي ، حرصت على زيارة ســلامة و أبنائه في النادي ..استدعيت سيارة أجرة وطلبت منه التوجه للمطار.
سرحت مع أفكاري في فترة الأربعة أشهر التي قضيتها في مصر، الراحة والكسل ثم مشروع النادي وأخيرا المظاهرة ، لم أكن نادما ولا سعيدا ، ولكني كنت أتمنى أن أنجح في مساعدة البلد كما نجحت في مساعدة سلامة و أسرته، إلى حد ما اعتبرت زيارتي مـُـوَفَــَـقـَـة وأخذت أفكر في زوجتي وأولادي ولقائي المرتقب بهم.
.................
هدأ السائق من سرعة السيارة و تمتم ببعض العبارات المتذمرة، كان هناك العديد من عربات الشرطة تسد شارع بورسعيد و أحد جنود الشرطة في منتصف الشارع يطلب من السيارات تغيير مسارها ..حالة من الهيجان تسود المنطقة، شــرح لى السائق أن المهندسين معتصمون أمام مبنى فرع نقابتهم و أنهم ينوون القيام بمظاهرة للاعتراض على أوضاعهم المهنية وتجميد الحكومة لأعمال نقابتهم وعلى الأوضاع العامة عموما في البلد ، كان هناك بضعة مئات من المتجمهرين أمام مبنى النقابة يحيط بهم ضعف عددهم من رجال الشرطة.
نظرت إلى سائق سيارة الأجرة وقلت له بلهجة ودودة:
ـ ســأطلب منك خدمة، هل يمكنني أن أعتمد عليك؟
رد بالإيجاب وهو متعجب من ســؤالي ، كتبت عنوان أخي في ورقة و مع العنوان ذكرت لأخي أنى قررت إلغاء سفري لأسباب غاية في الأهمية، أعطيت الورقة للسائق وطلبت منه أن يعطيها مع الحقيبتين لأخي ، دفعت له أجرته كاملة ونزلت من العربة كي أنضم إلى المظاهرة.

***
اللينك الخاص بالحكاية يسمح بالتعليق عليها

طبعاً أنا أخذت موافقة صاحب الحكاية قبل نشرها هنا

تحديث: الحكاية لفتت إنتباه أحد كُتّاب المصريون


Thursday, August 7, 2008

تكريم


مما لا شك فيه أن من يحكم مصر هو إنسان محظوظ حياً وميتاً مهما أصاب ناسها من وكسة ومعاناة على يديه. يشهد على ذلك الأثار الفرعونية وما تلاها من فرعنة خلت من أى آثار تدعو الأجيال التالية تتباهى بصنيع أجدادها الملطوعة أسمائهم على بعض الأماكن والمُدن

وافقت لجنة إنتخابية بمدينة سان فرانسيسكو على مبادرة لتكريم بوش بإطلاق إسمه على محطة مجاري بمدينتهم. صاحب المبادرة الذى نجح فى جمع عدد التوقيعات المطلوب للموافقة على مبادرته (12 ألف توقيع) يرى فى ذلك التكريم ضمان لعدم نسيان الناس اللحظات التاريخية السيئة وذلك من خلال تساؤلهم عن سبب وضع إسم بوش على محطة مجاري

وفى بريطانيا رفضت الحكومة إعطاء ضمانات بإقامة جنازة رسمية لرئيسة الوزراء السابقة تاتشر عندما تموت.. آخر الصفحة. بعض أعضاء الحزب الحاكم إستغربوا إعطاء تاتشر هذا الشرف محملين إياها السبب فى فقدان آلاف العمال وظائفهم عندما كانت رئيسة للوزراء

أكيد كثير من الحكام الآخرين محظوظين لكن

قد تعلو قبرك مئذنة لكن ليلك لن يطويه أذان
قد يحمي قبرك سـجـانٌ لكنـه لـن يمنعـك لِعـان
قد يأتي قبرك كل رؤس العالم لكن لن يأتيه أمان
لن تذهب برائحته ورود الأرض مهما إزدان

قد يظهر فوق مدينةٌ إسمُك أو فوق ميدان
لكنه تاريخاً لن يَسرق أو يمحو آثار
فعلامة أيامك معنا قد ذاق مرراتها أجيـال

لو تدرك لتركت مكانك قبل الآن وسألت الغفران
فقد طااااالت أيامك معـنـا ليـلاً تحسبـه نهـار

Tuesday, July 29, 2008

ثلاثية


خبر شاهدته فى التلفزيون منذ أكثر من عام وأصبحت أرى الكثير من أحداث البلد من خلاله. الخبر كان عن طفلة مولودة بإعاقة ذهنية وجسمانية شديدة جداً مما إضطر والديها لإجراء جراحة لها لوقف نموها تماماً حتى تبقى صغيرة الحجم خفيفة الوزن فيستطيعا الإستمرار فى رعايتها بالمنزل وأيضاً لعدم تعريضها لتبعات البلوغ. تصرٌف يبدو غير أخلاقي لكن الوالدين رأيا أنهما فعلا ذلك لمصلحتها

Ashley

لا أعتقد أني أبالغ عندما أتصوّر أن البلد فى كثير من مراحلها كانت تشبه ما حدث مع هذه الطفلة من إعاقة نمو. فهناك دائماً من أعطى نفسه من صفة الوالدين السٌلطة فقط وتصرّف فى ماضى وحاضر ومستقبل البلد من مٌنطلق تلك السٌلطة.. ومن أجل إحكام سيطرته عليها وإستمرارها مادام حياً يجب أن تبدو دائماً فى حاجة لحمايته ورعايته وإن كانت هى فى الحقيقة فى حاجة لغرفة عناية مٌركزة بعد أن أصبحت ضعيفة هشة على يديه

الشىء المؤكد هو أنها لن تموت أبداً وأنه سيلحق بمن لعب نفس الدور معها سابقاً لكن ذلك لن يحل مشكلتها الأزلية ، فهى دائماً تتعافى وتنشط وتبهر الكل بشفائها الغير مُتوَقع لكن دائماً هناك المُتربِّص بها الذى يحرمها من أن تنمو ونبلغ سن الرُشد بعد أن تشفى

جمهور المشاهدين: ياترى الثلاثية الجديدة شكلها إيه؟

Tuesday, July 22, 2008

حسن أيوب


كثير من فضلاء هذا البلد يتم تغييبهم عن حياة الناس إما بسجنهم أو طردهم خارج البلد أو تجميدهم داخلها أو الإفتراء عليهم وتشويه سيرتهم لنعرف بعد موتهم أنهم كانوا يعيشون بيننا

فوجئت بعد وفاة المسيري أن هناك من لم يكن يعرف عنه شيئاً ، وقبل ذلك بفترة قرأت خبر فى صورة مقال عن وفاة شيخ لم أسمع بإسمه من قبل "محمد عمرو عبد اللطيف".. المقال وصفه كأحد أبرز علماء دراسة الأحاديث النبوية فى الوقت الحالي وبأنه كان ممنوع من إلقاء خطبة الجمعة وأى دروس دينية. حالات كثيرة مشابهة.. ليس فى المجال الديني فقط وأيضاً ليس فى مصرفقط وإن برعت فى ذلك

عرفت بالشيخ حسن أيوب منذ سنوات قليلة من خلال أحاديث له على موقع طريق الإسلام. معظم أحاديثه على ما يبدو كانت تسجيلات لخطبة الجمعة فى الكويت و السعودية حيث عاش وعمل بالتدريّس فى المعاهد الدينية هناك بعد أن قضى 20 عاماً معتقلاً فى مصر. إصرار غريب على مواصلة الحياة والعطاء بعد فترة إعتقال طويلة لم تخلو من تعذيب. الدروس التى سمعتها له خلت من أي إشارة لتلك الفترة من عمره. أعتقد أنه كانت عنده المقدرة على التسامح والتصالح مع تلك الفترة القاسية التى مرّ بها ونوكيل أمره فيها إلى الله. فالجو العام لما سمعته له من دروس كان يغلب عليه الفكر الوَسطي والأسلوب البسيط والروح المرحة.. وذلك فى رأي لا يمكن أن ينبع إلا من روح طيبة ونفس مطمئنة

قرأت بالأمس مقال عن وفاة الشيخ عن 90 عاماً.. رحمه الله وغفر له ذنبه وأسكنه فسيح جناته

حقيقي بلدنا ثروتها فى ناسها.. ومصيبتها أيضاً

تحديث: مقال للدكتور جابر قميحة عن الشيخ حسن أيوب


Sunday, July 13, 2008

شهر فى سنة


الشهر اللي قضيته فى مصر هذه السنة كان غير كل سنة

الأهل والأصحاب والأغراب.. الكل كان على وجهه علامات الضيق الزائد من حال البلد واضحة و فى كلماته شكوى من معاناة مستمرة معظم ساعات اليوم. فجأة الكل أصبح على دراية بأسعار الأرز والزيت والخضار و... بعد أن كان تطوُّر سعر هذه السِلع معلومة تخص سيدة البيت فى أغلب الأحيان. اللي ماعهوش بيشتكى وده مفهوم لكن شكوى اللي معاه كانت شىء جديد.. شكوة خوف من غضبة اللي ماعهوش ورغبة فى ضمان حد الكفاف له إتقاءً لشرِّه. منطق كله إنسانية!!

إستغربت لإستمرار نفس أسلوب التسعينات الإستفزازي فى الإعلان المٌلِحّ عن قصور وشقق مُميّـزة (مش مجرد فاخرة) وكأن المليارات اللي تم دفنها فى الساحل الشمالى وغيره كان لها عائد. كان أكثر شىء إستغربت له فى هذه الإعلانات هو إعلان على صفحتين بالأهرام عن بيوت نسخة فى شكلها الخارجى من البيوت الموجودة فى بلاد البرد والثلج.. سطحها هرمي لمنع تراكم الثلج ومياه الأمطارعليه. يعني تصميم مناسب لبيئة معينة ويعالج مشكلة لا وجود لها عندنا. مش عارف النظرة لكل شىء أجنبى على أنه الأصح والأفضل ممكن تروح بينا على فين تانى. المهم أن هناك مواصفات أخرى فى المباني فى تلك البلاد ممكن توفر مواد بناء وإستهلاك كهرباء وتحافظ على حرارة الشقق من الداخل لا يلتفت لها أحد بالمرّة.. وكأنها ماتجيش إننا نعمل حاجة فيها مصلحة ومافيهاش منّظرة

زرت صديق ساكن فى القاهرة الجديدة. الراجل دفع مبلغ كبير لإشتراك عائلي فى نادى رياضي بالمدينة تابع لشركات البترول ليجد بعد فترة أن هناك نادٍ آخر - مجازاً يعني - داخل النادى لتمييز فئة معينة من المشتركين وعزلهم عن بقية البشر داخل النادى. أو حسب وصفه سور يفصل بولاق عن الزمالك.. رغبة عجيبة فى تفسيم المجتمع لطبقات فى كل صغيرة وكبيرة وفى كل مكان

قادتنى الظروف لدخول محل السلاّب للسيراميك وفوجئت عند المدخل بؤرطة شباب متأيّـفين كل وظيفتهم أن يهبّوا واقفين عند دخول أحد الزوار! حسيت بخنقة فى المحل من كثرة تنوّع المعروض من سلعة لاتستحق كل هذا التنوّع. مش لاقى سبب واحد منطقي لضياع طاقات كبيرة وفلوس كثيرة فى تصميم بلاطة حائط أو أرضية والتفنن فى إختيار لونها ورسمها بأسلوب فيه مبالغة مفرطة. حتى محلات العرض عددها كبير وبعضها ضخم بشكل غير مفهوم

زوجة أخي كانت تحكي عن موقف تواجهه أختها وزوجها.. فبعد أن بنوا بيت جميل فى القاهرة الجديدة عبارة عن ثلاثة شقق منهم شقة للإبن المهندس فاجئهم الإبن بأنه لايرغب فيها ولا غيرها لأنه يريد الهجرة. أعرف أكثر من حالة مماثلة.. منهم من هاجر ومنهم من يسعى. ورغم ذلك مازال هناك أباء وأمهات يحلمون بصورة وردية للجد والجدة وبدون مبالغة ينفقون الكثير من حياتهم إن لم تكن كلها فى سبيل تأمين حياة مادية لأبنائهم لينتهي الأمر بعد ذلك بالأبناء والأحفاد فى بلد أخرى

سائق الميني باص الأخضر فى لحظة إنفعال بسبب الأزمة الناتجة عن تحديد الأجرة بجنيه وكسر من الصعب تحصيله يشتم نفسه بألفاظ نقاوة تبدأ بكوميديا سوداء يقر فيها بأنه فقري وكل ما يسيب شغلانة .... يقع فى شغلانة .... إندهشت من بشاعة الفاظ السب التى إستخدمها فى حق نفسه وإندهشت أكثر عندما سمعته وهو يعطى إحدى السيدات بقية الخمسة جنيه ويقول لها بكل هدوء وأدب حقيقي "إتفضلي يا أمي". المهم إنه فى الآخر قال "أنا خلاص عرفت الحل.. هي مالهاش حل إلا كده".. ماعرفتش إيه الحل اللي توصل إليه لأن سماع تلك الجملة شجّعني على النزول من الباص وإستكمال المسافة للبيت مشياً

مش عارف أنا ليه مقتنع بأنه ممكن إصلاح الحال


** كتبت البوست فى أبريل ولم تتغير قناعتي بَعد رغم متابعتي الدائمة للأخبار

Thursday, July 3, 2008

مشوار


ليس هناك أجمل من أن يعيش الإنسان حياة تٌحسب له ولاتٌحسب عليه ، وإن كان ذلك غير ممكن بدون إنتباه الإنسان لأفكاره وتوجهاته ووجود إستعداد طبيعي عنده للتغيٌر. لذلك أتصور أنه من سٌنن الحياة أن تأتي الأحداث التى تسمح بتسليط بعض الضوء على قناعات وأشياء كثيرة راسخة فى الذهن.. منا من يحجب ذلك الضوء عمداً أو يتجاهله ومنا من يدعه يأخذ دوره ويتفاعل معه

لم أقرأ للمسيري سوى مقالات له أو عنه ، بالإضافة للإستماع لحوار إذاعي معه

تحدث عن تحولاته الفكرية فقال: هناك حوادث كثيرة من أهمها ما حدث لي أثناء التدريس في كلية البنات عام 1970. كنت قد ألقيت محاضرة عن الاستنارة الغربية نوهت فيها بمناقبها الكثيرة بما في ذلك عقلانيتها. ولكنني في المحاضرة التالية كنت أدرّس الشعر الإنجليزي الحديث، وكان الدور على قصيدة ت.س. إليوت "الأرض الخراب" فتحدثت عن أزمة الإنسان الحديث وتفتته واغترابه عن ذاته وعن الطبيعة. وبينما كنت ألقي محاضرتي، أحسست بسخفي الشديد، إذ تساءلت كيف يمكن لحضارة الاستنارة أن تنتهي في ظلمات الأرض الخراب؟

كيف يمكن أن أبشر بالحضارة الغربية باعتبارها حضارة الاستنارة من الساعة التاسعة حتى الساعة التاسعة وخمس وخمسين دقيقة، ثم أبين لنفس الطالبات أنها في واقع الأمر حضارة الأرض الخراب من الساعة العاشرة حتى الساعة العاشرة وخمس وخمسين دقيقة؟ كان لابد أن أجد تفسيرا كليا قادرا على تفسير هذا التناقض، والوصول إلى الوحدة الكامنة خلف التنوع، بل خلف التناقض الظاهر الواضح

ومن الوقائع الأخرى الطريفة أنني كنت أكتب قصائد حداثية فأجد نفسي أكتب عن موضوعات حداثية، مثل غربة الإنسان وخيانة القيم...إلخ، وهي موضوعات ليس لها علاقة بتجربتي الشخصية وتتنافى مع رؤيتي الخاصة. وحيث إنني كنت لا أنوي نشر هذه القصائد، فالمسالة لا يمكن تفسيرها على أساس أنني أبحث عن رضا النقاد أو القراء، ولابد أن تفسر من الداخل، إذ يبدو أن خطاب الحداثة له حدوده وسقفه، فهو ليس مجرد أسلوب وإنما طريقة في الرؤية

كنت مرة أجلس مع ابني، وهو بعد طفل، نشاهد التليفزيون، وسمع من المذيع أن الغرب قد راكم من الأسلحة النووية ما يكفي لتدمير العالم أكثر عشرات المرات، ففوجئت به يضحك ملء شدقيه ويخبرني بشيء بديهي فاتني، وهو أنه بعد تدمير العالم مرة واحدة، لا يمكن تدميره مرة ثانية، ساعتها ضحكت أنا الآخر، وتدعمت شكوكي بخصوص عقلانية العالم الغربي "المتقدم" وبخصوص النموذج المادي.. الحوار

حديث شـيِّق للمسيري عن علمنة المجتمع وأشياء أخرى راديـو

تحديث: ملف آخر من الجزيرة به آخر مقال كتبه المسيري و أوضح فيه تأثير العَلمانبة على المجتمع


Monday, June 30, 2008

وحدة قياس


إدراكي للأبعاد والمساحات كان دائماً يدور فى فلك الأمتار ولا يتعدى تقدير "مساحة شقة".. وبالتالي كلمة "فدان" ظلت وحدة قياس خارج دائرة الإهتمام ولم أستطع تخيٌلها "على مَدد الشوف.." - على رأى حليم - و إن كنت دائماً تصورتها كبيرة بحكم إرتباطها فى الذهن بالأراضي الزراعية والإنتاج والكلام الكبير إياه


ولأن نسبة الفضل لأهله فضيلة وكذلك تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية.. يرجع الفضل فى معرفتي أن مساحة الفدان 4200 متر مربع إلى كل حرامي أرض من أرض المحروسة المنحوسة بناس إيدهم كبيرة طويلة عريضة مفرطحة ومسنودة وقادرة تكوِّش كل يوم على حتة منها.. حرامية إتغيرت على إيدهم معاني كتير

فى طريقي للعمل توجد قطعة أرض فضاء كبيرة لم تلفت نظرى اللوحة الموضوعة على أحد أطرافها ومكتوب عليها 5 أفدنة إلا هذه الأيام وذلك رغم مرورى بها يومياً لعدد من السنين. المشاهدة الفعلية لقطعة أرض كبيرة بهذا الشكل أصابتني بعسر هضم لفكرة تملٌٌك البعض لمئات و أحياناً الآف الأفدنة لأسباب غير واضحة وعواقب غير مدروسة من الدولة التى تسمح بذلك. من ألف فدان فى دريم لاند تم "شرائهم" بالفدان برخص التراب لخدمة غرض محدد ، قام صاحبهم بتسقيعهم ويحاول الآن بيعهم بالمتر.. إلى 120 ألف فدان تم بيعهم بسعر 50 جنيه للفدان لمستثمر غير مصرى ليزرعهم فقام بزرع 20 ألف فقط وعندما سٌئل عن زراعة بقية الأرض كان رده أن العقد لم يشترط عليه زراعة الأرض!! وغيره كتير.. حتى الأديرة ورهبانها المفترض فيهم الإنعزال عن الدنيا والزهد فى متاعها دخلوا على الخط !! ربما لهم أسبابهم الخاصة لأنه من الصعب إستيعاب فكرة إحتياج مكان الغرض منه العبادة لمئات الأفدنة

اللي يفرس فى مثل هذه الأمور وغيرها عندما تتحول لأزمة هو الأخبار التى تتحدث عن تحويل الأمر لجهة سيادية وأحياناً أخرى تحويله للجهات المعنية ليبقى الحال فى النهاية على ما هو عليه.. فالجهات السيادية غير معنية والجهات المعنية غير سيادية. فك إشتباك فى غير محله وتركيبة غريبة لم تأتي إعتباطاً.. فالهدف هو أن يكون حل أى مشكلة وإتخاذ أى قرار فى يد فرد واحد

Wednesday, June 11, 2008

Insanity - خَبل



أو الخَبل - إلى جانب تعريفها على ويكيبديا لها تعريف آخر عملي و منطقي منقول عن إينشتاين يصفها فيه بتكرار فِعل نفس الشىء مرّة تلو الأخرى مع توقُع نتائج مختلفة

Albert Einstein*: The definition of insanity is doing the same thing over and over again and expecting different results.

تعريف إينشتاين للخَبل يصف بدقة أسلوب تناول المتحكّمين فى أمور البلد للأحداث خاصة المرتبط منها بالبعبع.. الدين. أفضل مثال لذلك هو الأحداث الأخيرة وأسلوب معالجة الحكومة لها. أسلوب واحد ثبت خطأه على مدار السنين ومع ذلك لم تحد عنه والنتيجة هى أن كل حادثة تصبح شحنة لحادثة أخرى أعمق تأتي بعد حين وتكريس أكبر لفكرة وجود دولة داخل الدولة

صحفيين على مدونيين على حكوميين نشروا بثقة كبيرة أخبار متعارضة عما حدث ولا يوجد تحقيق رسمي يؤكد أو ينفي أي شىء وبالتالي لا يتم محاسبة أحد! وكالعادة ينتهى الأمر بأن يتمترس كل شخص خلف قناعاته ووجهة نظره الشخصية لحين إشعار آخر

هل الدولة أصابتها الشيخوخة والضعف لدرجة أنها لا تستطيع حل مشكلة تهدد وجودها أم أن المسألة مسألة مصالح شخصية وحسابات وأهواء من الصعب علينا إدراكها!؟

*
فى لقاء نصف سنوي للعاملين بالشركة ختمت نائبة لرئيس الشركة كلمتها بجملة أعجبتنى ولسبب ما شعرت أنها لم تكن من بنات أفكارها :) وبالتالي ججولت الجملة ونسبتها للأب الشرعي لها .. إينشتاين


Wednesday, June 4, 2008

أم العروسة


فاضية و مشغولة

رغم إن مافيش لا عروسة ولا فرح لكنه أول مَثل مر ببالي بعد متابعة الأحداث الأخيرة وبعض "الكلام" المثار حولها

مش غريبة إننا مش مدركين إن الإعتداء على الغير ومِلكية الغير مرفوض!؟

مش غريبة إننا مش مدركين إن الإعتداء على مكان عبادة مرفوض!؟

مش غريبة إننا مش مدركين إن البلد سايبة ومافيهاش قانون!؟

مش غريبة إننا مش مدركين إن الأمن مالوش شغلة غير حماية النظام!؟


مش غريبة إننا مش مدركين إن فى ناس عايزة تشعل حريقة فى البلد!؟

مش غريبة إننا مش مدركين إن العصبية والغِل مش بيحِّلوا مشكلة!؟

مش غريبة إننا مش مدركين إن فى صادق وفى كاذب!؟

مش غريبة إننا مش مدركين إن كلنا فى الهم سوا وآخرتها مالناش غير بعضنا!؟

مش غريبة إننا مش مدركين من العدو ومين الصديق!؟

مش غريبة إننا مش مدركين إن "بعض الكلام نور وبعضه قبور" على رأي بنت القمر!؟

مش غريبة ومش غريبة ومش غريبة......!؟

مش غريبة إننا مش مدركين إن مش فاضل لنا غير تَكّة وينفرط عقدنا!؟

Tuesday, May 27, 2008

كفففك



ستات ورجالة سيد قراره بيلاعبوا الشعب صلّح بالوكالة عن كبيرهم. بس أصول اللعبة بتقول إن الأدوار بتتبدل. مش معقول ، ولو إنه حاصل ، إن طرف واحد يبقى ضارب وطرف تانى مضروب طول عمره

Wednesday, May 14, 2008

60th Birthday



فكرة أن تحتفل دولة بيوم ميلادها توحي بأنها دولة آيلة للوفاة طالما أن هناك حقٌ يأبى النِّسـيـانْ

سخيف أن يتحيّن البعض الفرص للإستهزاء عمّال على بطّال بأصحاب الهِمّة والمقدرة على الصبر والثبات والتضحية فى سبيل ما يؤمنون به. ناس تبذل ما تستطيع من جهد وعندها أمل وثقة فى أن حقها عائد لها يٌقابْل موقفها بكل إساءة ومحاولة إضعاف ممكنة. سلوك غريب وإن كان بيعكس حال المستهزئين

ياترى لو مصر إستسلمت للإنكسار اللي حصل بعد 67 وآمنت بأن إمكانياتها لن تسمح لها بإسترداد أرضها ولو الدول المحيطة بها تخلّت عن مساعدتها أو عملت ضد مصلحتها كان ممكن يحصل 73؟

** لينك حقٌ يأبى النّسيانْ بيقدم تغطية شاملة لأحداث السنين الطويلة

**عصفور المدينة هنا يشكر سيدهم الرئيس على خطابه


Thursday, April 24, 2008

بلال ونظيف


نظيف عليه دين كبير للطالب بلال

اللي حصل إن نظيف كان حايغرق أثناء إستغراقه ، كما جاء بالخبر ، فى الحديث عن ذكرياته أثناء فترة الدراسة بجامعة القاهرة. بلال طالب بأداب القاهرة فمن باب الأدب مد طوق نجاة لنظيف وأنقذه من ذلك الإستغراق وقال له "الجامعة زي الفل والعملية التعليمية زي الفل ورغيف العيش والديمقراطية موجودة والحديد موجود، طيب مصر حزينة ليه يا ريس؟ والشباب معتقلين ليه من يوم 6 أبريل؟ وبكل بجاحة أضاف افرج عن مصر يا ريس.. افرج عن مصر يا ريس" طبعاً الطلبة اللي حضروا اللقاء صفقوا بحدّة

حديث الذكريات الجميلة دائماً جميل لكن عندما تعقد جامعة القاهرة لقاء بمناسبة مئويتها ويحضره رئيس الوزراء بصفة منصبه وكونه درس ودرّس بها يكون المُتوقع منه أن يتحدث ، إلى جانب ذكرياته بها ، عن وضع الجامعة وكيفية تحسينه ده على الأقل يعنى ولو من باب السياسة. لكن مين!! الراجل فى وادى والناس فى أودية أخرى

التفاؤل جميل والمثل الشائع عن المتشائمين الذين لايرون غير النصف الفارغ من كوب الماء مثل سليم لكن نظيف فى تعقيبه على كلام بلال بيطالب الناس بالإكتفاء بنقطة الماء التى يراها هو فى الكوب. فهو "أكد" أن مصر بها حرية وستظل بها حرية.. وأن رغيف العيش الذي لا يعجب الناس ويقفون من أجله في الطابور ليحصلوا عليه في النهاية، هناك من لا يجده أصلاً.. وأن الحديث عن عدم شعور المواطن بالإصلاح الاقتصادي شيء غير صحيح، مشيراً إلي أن هناك بعض الناس تشعر بهذا التحول الاقتصادي.. دى كانت كلماته

مش كان أحس يا بلال تسيبه فى إستغراقه! نتيف مش فاضى ليك ولأمثالك وتقريباً كده الكلام مش راح يخليه يشوف الكوب الفارغ اللي قرّب ينشف.. بس برضه برافو عليك

Sunday, April 13, 2008

إحنا

إحنا نستاهل وإحنا السبب وبينقصنا الوعي ومش متحضّرين أصل الحكومة مش حاتعمل كل حاجة... وهلمّا جرى من كلمات فيها تجنّي على "إحنا". إحساسى بهذا التجنّي يتأكد لي من خلال ما أراه هنا فى تورونتو وما يحدث عندنا

الحديث ليس عن تقدُّم تكنولوجي أو شىء ضخم من هذا القبيل ، لكنه عن مُحتوى لوحات إعلانات على محطات الأوتوبيس و المترو

أحد الإعلانات كان يتساءل بإستنكار وشىء من التوبيخ من خلال صورة وكلمات قليلة عن سبب إضطرار شاب مهاجر للعمل بتقديم الطعام فى مطعم فاست فوود بينما هو يحمل شهادة مُمَيزة فى الإدارة وهاجر إلى بلد تقول أنها ترحب بالمهاجرين

إعلان آخر تحدث عن ضرورة جعل الحركة فى المدينة سهلة ومناسبة لأصحاب الإحتياجات الخاصة. الصورة التالية كانت مصاحبة للإعلان ، وهى تقول أن المقابلة للحصول على عمل ممكن يكون أمرها منتهى قبل بدايتها بسبب "عتبة سلم" لايستطيع المتقدم للعمل تخطيها بكرسيه المتحرك



الموقع الخاص بالإعلان وضّح أيضاً من خلال إحصائيات زيادة فى دخل المطاعم ومحلات البيع التى تجعل الحركة داخلها سهلة للجميع رغم ما فى ذلك من تكلفة أولية

هناك إعلانات أخرى بهذا الشكل وكلها إعلانات حكومية الهدف منها التوعية. هذا حادث فى بلد رأسمالي كبير تنطبق عليه كل صفات التقدّم والوعي والتحضّر و.. و.. كل ذلك لم يعنى أن تتخلى الحكومة عن دورها فى توجيه الناس وتوعيتهم بما فيه مصلحة للجميع وإلزامهم به بالقانون. السبب هو إدراكها أنه لو تركت الأمور للناس سوف يتحول كل شىء إلى بزرميط

نشوف "إحنا" بنحصل على إيه ونحكم إذا كان ممكن يوصلّنا لأفضل مما نحن عليه

نائب رئيس ميمون تعب من طول العِشرة مع كلمة نائب فذهب للرئيس وقال له مش كفاية عليك كده؟ خليني أمسك الرياسة شوية. الرئيس قال له موافق لكن لازم أمتحنك الأول. الرئيس أعطاه كيس مليان فئران وتركه فى غرفة فاضية وطلب منه أن يُخرج الفئران من الكيس وبعد ذلك يجمعها فيه تانى. النائب أخرج الفئران لكنه فشل بعد محاولات كتيرة فى جمعهم داخل الكيس مرة تانية. الرئيس قال له شفت الرياسة صعبة إزاى ومش أى واحد يقدر عليها. أنا أفهِّمك اللعبة.. الرئيس مسك الكيس وجواه الفئران ولفّه بسرعة كذا مرة وبعدين أخرج الفئران من الكيس ، طبعاً دايخين ومفرهدين ، وبعدين لمهم واحد واحد وحطهم فى الكيس تانى

Monday, February 25, 2008

الناقة الإيطالية


شرخت بي الناقة الإيطالية مساء الثلاثاء فى طريقها إلى القاهرة عن طريق ميلان وحطت بحمد الله سالمة فى القاهرة مساء الأربعاء

عادة كنت أغادر تورونتو الأربعاء وأصل القاهرة مساء الخميس لكنها السياحة النشطة من إيطاليا للقاهرة وتكاسٌلي المعتاد فى حجز تذكرة سفر مبكراً. أجّلت رحلتي لمصر هذا العام ثلاثة أسابيع عن رحلة العام الماضى تجنباً لبرد القاهرة لكن مافيش فايدة نابنى من البرد جانب.. لأ ومطر كمان قضيت بسببه مالا يقل عن ساعتين داخل تاكسي من بعد نفق صلاح سالم للاستاد ، لكن الحمد لله السائق لم يكن مدخناً ولا شتّاماً فى طوب الأرض

الناقة الايطالية كانت هذا العام جيدة كسابق العهد بها بعد خيانة العام الماضى حيث كانت بدون أدنى مبالغة أشبه بأتوبيس نقل شرق الدلتا أو غربها فى أسوء حالاته ، لذلك لم يكن غريباً أن أعلنت إفلاسها وتم بيعها وهى خسرانة ليتحسّن وضعها بعد ذلك بدون رفع أسعار وإحتكار والكلام إياه

كان السفر والعمل والحياة بالخارج أمنية لي أثناء الدراسة وبعدها ، كنت متوقع الكثير منها ووجدتها فعلاً بتوفيق من الله مفيدة من أكثر من جانب. بدون شك تحقيق أمنية شخصية شىء جميل وإن كنت أحياناً أفكِّر فيما كان ممكن أن يسير إليه أمر تلك الأمنية لو قابلها تفكير كافي فى سنة الحياة التى جعلت لكل شىء ثمن. أعتقد أن الصورة المبهرة التى كانت ومازالت تٌقدّم عن كل ما هو أجنبى كان لها تأثير كبير فى تكوين تلك الأمنية وتدعيم وجودها خاصة مع ضيق الحياة بمصر والذى يزداد كل يوم

Tuesday, February 12, 2008

من غرائب التعليقات


دٌول مش بيحبونا.. ده كان التعليق ، أما الكلام فكان عن الفلسطينيين والعرب عامة وكأن حب العرب لمصر والمصريين فرض عين على كل عربي

لا أدرى ما هو الشىء الغير عادى الذى قدمناه ومازلنا نقدمه للعرب ونستحق عليه حٌبهم وتقديرهم الدائم والغير مشروط!! المفروض أن المشاعر تكون مٌتبادلة وأن تؤيد هذه المشاعر أقوال وأفعال ، لكننا فى كثير من الأحيان واقعنا يقول غير ذلك. فكثيراً ما تصدر عنا إدعاءات بأننا لسنا عرب وكثيراً ما تحمل لغتنا عن العرب ودِول بعينها نغمة إستهزاء وتعالي غير مفهومة ولا مٌبرر لها

لعل الفرحة التى بدت فى تعليقات العرب على فوز الفريق المصري بكأس أفريقيا تفتح العيون على صورة أخرى غير تلك الصورة السيئة التى يٌروََّّج لها بسذاجة وغِـل غريبين

مقال بموقع المصريون يتساءل عن سبب الإلتفاف حول الفريق المصري داخل مصر وخارجها وإن كان ذلك بسبب قميص أبو تريكة المتعاطف مع غزة أم السجود الجماعي للاعبين.. المقال والتعليقات عليه يستحقان القراءة

Thursday, January 31, 2008

خدود الحَجر

على خدود الحجر ساب الزمن تجاعيد
تحكي لدنيا البشر قصة ملوك وعبيد

جملتين من أغنية جميلة لنجاة إسمها إلهي ما أعظمك.. تذكرتهم بعدما قرأت خبر عنوانه الأسرار الكئيبة لمدينة إخناتون

الخبر يتحدّث عن العثور على بقايا هياكل عظمية بمدينة تل العمارنة ، العاصمة الجديدة التى أمر إخناتون ببنائها لحٌكمِه. ما تم العثور عليه كشف بشاعة الحياة التى تحمّلها بعض المصريين القدماء وهم يبنون أثار الفراعنة ، وكشف أيضاً عن جانب سوداوى للحياة فى ذلك الوقت يتناقض مع الصور الموجودة على جدران المعابد.. حسب ماجاء بالخبر

دائماً يتم التعامي عن ذكر إستعباد البشر فى بناء الأثار الفرعونية عندما يعلو النعيق بأننا فراعنة ، ودائماً قصة الملوك هى التى يٌروَّج لها وذلك بعد أن يٌنزع منها كل حقيقة مسيئة لصورة الفرعون الملك.. يبدو أن ذلك جعل كل ناعق يتصور أن هناك فئة واحدة فقط وهى فئة الملوك فيٌمني نفسه بنعيمها بينما تصنيفه الفرعوني يضعه فى فئة العبيد!؟

المثير فى الأمر أنه يتم تقديم فرعونيتنا ، صراحة أو بشىء من المٌدارة ، كبديل عن عروبتنا مع أنه لامجال لتنصٌل حقيقى من إحداهما

الأغنية كلمات حسين السيد وألحان السنباطى هنا *

Sunday, January 20, 2008

الفوضى الخلاّقة


لايمكن التحكم فيما تخلقه "الفوضى الخلاّقة" ولا يمكن حصرها فى زمان ومكان مٌعيَّنين.. فالفِعل فى مكانٍ ما قد يأتى رد الفعل عليه فى مكانٍ آخر ولو بعد سنين

سيدة أمريكية تعترض طريق وزيرة الخارجية الأمريكية وتتهمها بالإرهاب

أتابع التنافس بين المتقدمين للترشيح للإنتخابات الرئاسية فى أمريكا نهاية هذا العام.. شىء رائع أن يكون لمن يريد التنافس على منصب الرئيس الحرية فى ذلك وأن يكون للناخب الكلمة الأخيرة فى فوز المرشح من عدمه


حزب ديمقراطى وآخر جمهورى وعدد من المرشحين المنتمين لكلٍ من الحزبين مع إمكانية دخول مرشحين مستقلين. كلهم يتنافسون لأكثر من سنة على الفوز بثقة الولايات المختلفة من خلال مرورهم على هذه الولايات حيث تتم التصفية بين المرشحين لينتهى الأمر بإنتخاب مرشح واحد عن كل حزب

فترة التصفية وما يسبقها من الإعلان عن النية فى دخول المنافسة يتم فيها النبش والتدقيق فى ماضى وحاضر المتنافسين وأيضاً توقّع تصرفاتهم مستقبلاً فى حالة الفوز. يلقى المتنافسون خطابات ويعقدون لقاءات فى برامج تلفزيونية بعضها جاد وبعضها كوميدى وتعقد بينهم مناظرات عديدة. الغرض من كل ذلك هو فهم شخصياتهم وإستبيان مواقفهم من مختلف القضايا داخلياً وخارجياً وبالتالي يستطيع الناخب أن يؤيد أو يعارض أى مرشح وهو على بينة من أمره

لم يخطر ببالي أن سيد قٌطب ، رحمه الله ، ممكن أن يكون له علاقة من قريب أو بعيد بالإنتخابات فى أمريكا أو غيرها من الدول لكن حدث أن شاهدت مناظرة بين المرشحين الجمهوريين أفاضوا فيها فى الحديث عن "الإرهاب الإسلامى" و "الجهاديين" و "إحنا و همّا" وفوجئت بذكر إسم سيد قٌطب فى هذه المناظرة. كان موقف المرشحين ضد أحدهم غوغائى جداً وغير لائق لدرجة أنه لم يتمكن من التعبير عن وجهة نظره كاملة بسبب مقاطعة المرشحين الآخرين له وإثارة الحضور ضده. السبب هو أن الرجل كان ضد تدخل أمريكا فى شؤن الدول الأخرى وأرجع 9/11 لذلك التدخل

التساؤل الذى ألحّ علي بعد فترة من المتابعة لأخبار الإنتخابات هو مدى مسؤلية الشعوب عن تبعات سياسات حكوماتها عليها.. خاصة الشعوب الواعية بحقوقها ومعتادة على ممارسة دورها فى مجتمعاتها وإن كنت أشعر أن الغالبية ، هنا وهناك ، عندهم إستعداد للإستجابة لعمليات غسيل الدماغ

تحليل لرأي المٌرشَّح ومقاطع من المناظرات على يوتيوب

Wednesday, January 9, 2008

ليه كده!؟


لا أستطيع أن أدرك المنطق وراء إعادة نشر بعض الكاريكاتورات التى تهزأ من الرسول صلى الله عليه وسلم على بعض المدونات وبإسلوب فيه إسهاب شديد تغنى عنه الإشارة

عن نفسى لم أشاهد من تلك الكاريكاتورات حتى الآن إلا ما فرض نفسه بحكم المفاجئة وعادة أصرف نظرى عنها مكتفياً بما قرأته أو سمعته عنها.. فالفضول فى هذه الحالة يثير عندى إشمئزاز

أتذكر برنامج شاهدته منذ سنوات ضيفته كانت الصحفية النيجيرية التى أقحمت إسم الرسول بصورة مسيئة فى مقال لها ينتقد إعتراض مسلمي نيجيريا على عقد مسابقة ملكة جمال العالم بنيجيريا - كان عقد المسابقة مقرر أثناء شهر رمضان

هى صحفية شابة مبتدئة وقد تم لجوئها للنرويج لتلقيها تهديداً بالقتل. الحق هى بدت نادمة بصدق عما بدر منها وأدى لعمليات عنف وقتل وأوضحت أنها لم تكن تدرك أن كلامها فيه إساءة حتى أنه عندما سألتها المذيعة عما قالته حينها أنكرت عليها ذلك السؤال وقالت "إنتى عايزاني أعيد نفس الكلام تانى!!" ولم تجب على سؤال المذيعة بأكثر من ذلك

فى نفس البرنامج تم إستضافة سلمان رشدى.. هرطق كثيراً وعندما وجه له سؤال عن رد الفعل العنيف من المسلمين تجاه ما يمس الرسول و الحل تجاه ذلك ، كان رده "أن الحل هو السخرية من الرسول وتساءل بإستهتار وإستهبال لماذا نفعل ذلك مع المسيح فقط !؟" وكأن ذلك شىء جميل يحمده المسلمون

بعد ذلك بشهور قليلة ظهرت سلسلة الرسومات الكاريكاتورية.. شخصياً أربط بين الإثنين ولكن ما يعنينى هو تأثير تلك السلوكيات ورد الفعل الناتج عنها والذى يبدو أنه كثيراً ما يتم توجيهه وإستغلاله سياسياً

فى رأي أن الهدف هو أن يعتاد المسلمون على سماع ورؤية ما يسىء للرسول ويهضموا ذلك ببساطة ليختفى مع الوقت ما للرسول فى أنفسهم من مكانة وحرمة ويصبح تناول سيرته مثل تناول سيرة أى شخص عادى يخوض فيها من يشاء وبأى أسلوب.. لا فرق بين تساؤل
أو نقد بأسلوب لائق و نكتة أو مسرحية أو فيلم