الشهر اللي قضيته فى مصر هذه السنة كان غير كل سنة
الأهل والأصحاب والأغراب.. الكل كان على وجهه علامات الضيق الزائد من حال البلد واضحة و فى كلماته شكوى من معاناة مستمرة معظم ساعات اليوم. فجأة الكل أصبح على دراية بأسعار الأرز والزيت والخضار و... بعد أن كان تطوُّر سعر هذه السِلع معلومة تخص سيدة البيت فى أغلب الأحيان. اللي ماعهوش بيشتكى وده مفهوم لكن شكوى اللي معاه كانت شىء جديد.. شكوة خوف من غضبة اللي ماعهوش ورغبة فى ضمان حد الكفاف له إتقاءً لشرِّه. منطق كله إنسانية!!
إستغربت لإستمرار نفس أسلوب التسعينات الإستفزازي فى الإعلان المٌلِحّ عن قصور وشقق مُميّـزة (مش مجرد فاخرة) وكأن المليارات اللي تم دفنها فى الساحل الشمالى وغيره كان لها عائد. كان أكثر شىء إستغربت له فى هذه الإعلانات هو إعلان على صفحتين بالأهرام عن بيوت نسخة فى شكلها الخارجى من البيوت الموجودة فى بلاد البرد والثلج.. سطحها هرمي لمنع تراكم الثلج ومياه الأمطارعليه. يعني تصميم مناسب لبيئة معينة ويعالج مشكلة لا وجود لها عندنا. مش عارف النظرة لكل شىء أجنبى على أنه الأصح والأفضل ممكن تروح بينا على فين تانى. المهم أن هناك مواصفات أخرى فى المباني فى تلك البلاد ممكن توفر مواد بناء وإستهلاك كهرباء وتحافظ على حرارة الشقق من الداخل لا يلتفت لها أحد بالمرّة.. وكأنها ماتجيش إننا نعمل حاجة فيها مصلحة ومافيهاش منّظرة
زرت صديق ساكن فى القاهرة الجديدة. الراجل دفع مبلغ كبير لإشتراك عائلي فى نادى رياضي بالمدينة تابع لشركات البترول ليجد بعد فترة أن هناك نادٍ آخر - مجازاً يعني - داخل النادى لتمييز فئة معينة من المشتركين وعزلهم عن بقية البشر داخل النادى. أو حسب وصفه سور يفصل بولاق عن الزمالك.. رغبة عجيبة فى تفسيم المجتمع لطبقات فى كل صغيرة وكبيرة وفى كل مكان
قادتنى الظروف لدخول محل السلاّب للسيراميك وفوجئت عند المدخل بؤرطة شباب متأيّـفين كل وظيفتهم أن يهبّوا واقفين عند دخول أحد الزوار! حسيت بخنقة فى المحل من كثرة تنوّع المعروض من سلعة لاتستحق كل هذا التنوّع. مش لاقى سبب واحد منطقي لضياع طاقات كبيرة وفلوس كثيرة فى تصميم بلاطة حائط أو أرضية والتفنن فى إختيار لونها ورسمها بأسلوب فيه مبالغة مفرطة. حتى محلات العرض عددها كبير وبعضها ضخم بشكل غير مفهوم
زوجة أخي كانت تحكي عن موقف تواجهه أختها وزوجها.. فبعد أن بنوا بيت جميل فى القاهرة الجديدة عبارة عن ثلاثة شقق منهم شقة للإبن المهندس فاجئهم الإبن بأنه لايرغب فيها ولا غيرها لأنه يريد الهجرة. أعرف أكثر من حالة مماثلة.. منهم من هاجر ومنهم من يسعى. ورغم ذلك مازال هناك أباء وأمهات يحلمون بصورة وردية للجد والجدة وبدون مبالغة ينفقون الكثير من حياتهم إن لم تكن كلها فى سبيل تأمين حياة مادية لأبنائهم لينتهي الأمر بعد ذلك بالأبناء والأحفاد فى بلد أخرى
سائق الميني باص الأخضر فى لحظة إنفعال بسبب الأزمة الناتجة عن تحديد الأجرة بجنيه وكسر من الصعب تحصيله يشتم نفسه بألفاظ نقاوة تبدأ بكوميديا سوداء يقر فيها بأنه فقري وكل ما يسيب شغلانة .... يقع فى شغلانة .... إندهشت من بشاعة الفاظ السب التى إستخدمها فى حق نفسه وإندهشت أكثر عندما سمعته وهو يعطى إحدى السيدات بقية الخمسة جنيه ويقول لها بكل هدوء وأدب حقيقي "إتفضلي يا أمي". المهم إنه فى الآخر قال "أنا خلاص عرفت الحل.. هي مالهاش حل إلا كده".. ماعرفتش إيه الحل اللي توصل إليه لأن سماع تلك الجملة شجّعني على النزول من الباص وإستكمال المسافة للبيت مشياً
مش عارف أنا ليه مقتنع بأنه ممكن إصلاح الحال
** كتبت البوست فى أبريل ولم تتغير قناعتي بَعد رغم متابعتي الدائمة للأخبار