كنت هناك أكثر من مرة
مكان له ذكريات فى نفس كل من زاره خاصة من أتاحت له الظروف زيارته فى أوقات مختلفة عاش فيها زحام الحج ورمضان وسهولة الحركة وإنسيابها فى الأوقات العادية وحس بالمكان فى ساعات النهار والليل وطاف وصلى بأكثر من بقعة بصحن الحرم وأدواره وسمع "وأوأة" الأطفال الصغار تشق السكون أثناء صلاة الفجر
فى أول زيارة لي لمكة توقعت أن أرى الحرم من على بعد لكن تضاريس مكة والمبانى المحيطة بالحرم حجبت الرؤية إلى أن وصلت للحرم. زحام مبانى فى الخارج وبشر فى الداخل يقرب عددهم من نصف مليون إنسان من شتى بقاع الأرض و مختلف الأعمار. منهم العجوز و المريض الذى يحمله البعض على كرسى لأداء الطواف والعفي الذى يطيح بك بدون قصد إن لمسته أثناء تحركه
رغم ما يسببه الزحام من إرهاق إلا أن المعاناة الحقيقية تأتى من تدافع الناس. أذكر أنى حاولت أثناء الحج أن أؤدى الطواف بالصحن لكنى لم أتمكن من شدة الزحام وأديت الشوط الأول بالدور الأرضى خارج الصحن وكان مرهق وطويل فصعدت للدور الثانى وكان شديد الزحام أيضاً لكنى تمكنت من أداء الشوط الثانى به ومررت بسلام من عنق الزجاجة "بمعنى أدق المعصرة" المجاور لأحد الأعمدة بذلك الدور وأكملت بقية الأشواط بالدور الأخير الذى لي معه أكثر من موقف فى رمضان.. من مقابلة صديق عزيز جاء من مصر لأداء العمرة وبدون ترتيب أو حتى معرفة بقدومه أكتشف بعد إنتهاء التراويح أنه كان يصلى أمامى بثلاثة صفوف ولتزداد المصادفة غرابة كانت آخر آية قرأها الشيخ آية كان لنا حولها دردشات كثيرة وهى "لكيلا لا تأسوا على مافاتكم ولاتفرحوا بما آتاكم والله لايحب كل مختال فخور" سورة الحديد. والدور الثالث أيضاً صليت فيه التهجد لأول مرة.. دخلنا الصلاة وكانت قراءة السديس بطيئة على غير المعتاد (تصورت أنه مرهق) وكان الركوع طويل جداً لدرجة أنى تصورت أن السديس نسينا.. كنت فعلاً مش عارف أعمل إيه لكن الحمد لله تذكرنا الشيخ بعد فترة وحدث نفس الموقف فى السجود ففهمت بعدها أن هذه هى الصورة التى تؤدى بها صلاة التهجد.. وربنا أعاننا على أدائها بدون إحساس الإرهاق الأول
الطاقة التى تحل بالعجائز والمرضى ومن لا يطيق الزحام ومن إعتاد على أسلوب حياة غير متوفر أثناء أداء الحج وغيره كثير جعلنى على قناعة بأن الإنسان إذا رغب وأحب وعزم على القيام بعمل ما يستطيع التغلب على مشاكل حقيقية كثيرة
كل عيد وأنتم جميعاً بخير وتقبل الله من كل حجاج بيته الحرام حجهم ودعائهم وردهم سالمين